المحميات الطبيعية في دولة الامارات

منذ أمد سحيق انتبهت البشرية لحماية الحيوان والطبيعة، ويرجع الباحثون تاريخ المحميات الطبيعية إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ذاك الوعي المبكر بضرورة حماية الحياة البرية ومخلوقات الطبيعة جاء من وراء ثقافة حضارية انتبهت إلى أهمية المورد الطبيعي، وضرورة التكامل الحياتي بين البيئة والإنسان، فالمخلوقات التي لم تستطع المواءمة بين حاجتها وبيئتها انقرضت وبسرعة البرق..

وفي عصرنا الحديث لا يوجد مهدد للبشرية أكبر من تلك المواءمة، فالدول التي تعي دورها على ظهراني الكوكب تعلم تماماً ضرورة الحفاظ على البيئة ومنتجاتها ومخلوقاتها لأن في ذلك حفاظاً على الإنسانية.

والإمارات – في ذلك – تعتبر شريكاً أساسياً ومساهماً مهماً في المهمة الدولية للحفاظ على البيئة، ولم تلهها الحضارة الناشئة فيها عن الاهتمام بالأرض وصنع المحميات الطبيعية والمحافظة على الحياة في ظروف طبيعية صعبة وقاسية.

وفي إمارة دبي بلغ مجموع عدد المحميات الطبيعية 8 محميات بعد إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن محميات طبيعية في دبي بموجب المرسوم رقم 22 لسنة 2014، والذي ضم ست محميات في مختلف مناطق الإمارة تشمل: حتا الجبلية، والمرموم الصحراوية، والوحوش الصحراوية، ودبي الصحراوية (المها)..

وجبل نزوى، وغاف نزوى، ليتم انضمامها إلى محميتي: رأس الخور للحياة الفطرية وجبل علي البحرية المعلنتين بموجب القانون المحلي رقم 11 لعام 2003، والأمر المحلي رقم 2 لعام 1998، وتتولى بلدية دبي إدارتها والإشراف عليها، ليشكل إجمالي مساحة المحميات الطبيعية في الإمارة 16.5% من مساحتها الكلية. وقال المهندس حسين ناصر لوتاه مدير عام بلدية دبي لـ«البيان»:

إن تلك المحميات تهدف إلى حماية البيئة الطبيعية لبعض المناطق في الإمارة، والمحافظة على الموارد الطبيعية الموجودة فيها، إلى جانب المساهمة في تطوير السياحة البيئية في الإمارة من خلال إنشاء محميات جديدة ومتنوعة وأضاف: «تتنوع الحياة الفطرية في المحميات الطبيعية بالإمارة وتختلف تصنيفاتها بناءً على طبيعتها وتكويناتها والأنظمة الحيوية فيها من فصائل وأنواع نباتية وحيوانية مميزة ومختلفة..

ووﻓقاً ﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ الاﺗﺤﺎد اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﺼﻮن اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ، ﻓﺈن المحميات الجبلية مثل ﺣﺘﺎ اﻟﺠﺒﻠﯿﺔ، وﺟﺒﻞ ﻧﺰوى ﺗﺼﻨﻔﺎن ﻣﺤﻤﯿﺎت طﺒﯿﻌﯿﺔ ﻣﺤﺪدة وﻣﻌﺎﻟﻢ طﺒﯿﻌﯿﺔ، ﺣﯿﺚ ﺗﻀﻤﺎن 51 ﺻﻨفاً ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت، وﻳﻌﯿﺶ فيهما 80 ﻧﻮعاً ﻣﻦ اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت، ويدخل في هذا التصنيف أيضاً محميتا رأس الخور للحياة الفطرية وجبل علي البحرية، فيما ﺗﺼﻨﻒ ﻣﺤﻤﯿﺎت دﺑﻲ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ، اﻟﻮﺣﻮش..

واﻟﻤﺮﻣﻮم اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ، وغاف نزوى، ﻋﻠﻰ أنها متنزهات وطﻨﯿﺔ محمية، ﺗﻀﻢ 164 ﺻﻨفاً ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت، و57 ﻧﻮعاً ﻣﻦ اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت. وأكد لوتاه حرص البلدية على الاهتمام والعناية بتلك المحميات من خلال إدارة مختصة بالبيئة تضم كفاءات عالية وعلى دراية بما يتعلق بالمحميات والحياة الفطرية فيها، واحتياجاتها من الغذاء والماء والرعاية الصحية وغيرها، بالإضافة إلى حمايتها من التعرض لأي نوع من التخريب أو الانتهاكات من قبل أي شخص.

حتا الجبلية

من جهتها أشارت المهندسة علياء الهرمودي مديرة إدارة البيئة في بلدية دبي إلى تفاصيل المحميات وتنوعها مبينة أن محمية حتا تقع في المنطقة الجبلية وتضم بالإضافة إلى قمم وسفوح الجبال بحيرة ووادي حتّا، وتبلغ مساحتها الكلية 27.43 كيلومتراً مربعاً، تصنف وﻓقاً ﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ الاتحاد اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﺼﻮن اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ضمن فئة محمية طﺒﯿﻌﯿﺔ ﻣﺤﺪدة وﻣﻌﺎﻟﻢ طﺒﯿﻌﯿﺔ..

والهدف من إعلانها كمحمية هو حماية النظام البيئي الجبلي والتنمية المستدامة فيها، والاستفادة من المنطقة في إجراء البحوث العلمية والتوعية، بالإضافة إلى المحافظة على الحياة الفطرية وحماية الطبيعة في المنظومة الجبلية مما سيؤدي إلى تنشيط السياحة البيئية فيها، موضحة أن منطقة حتّا عبارة عن سلسلة جبلية تتمتع بمناخ أكثر برودة وأقل رطوبة عن غيرها من الأجزاء الداخلية في الإمارة.

كما تمثل الأجزاء الشمالية والشرقية مناطق جبلية وعرة يصل ارتفاعها من 750 إلى 1250 متراً فوق مستوى سطح البحر وهي القمة الأعلى في الإمارة، أما عن الحياة الفطرية في محمية حتّا الجبلية فإنها تحوي أصنافاً عدة من الشجيرات والأشجار والأعشاب التي لا تتوافر في أماكن أخرى، وتنحصر غالباً في منطقة جبلية واحدة كالـسمر، وأشجار السدر، والنخيل التي تتواجد في الوديان، والمناطق المرتوية..

كما توجد النباتات الشائعة والأعشاب كالكلأ، وتوجد في وادي حتا أشجار السنط الكبيرة. وأوضحت أن منطقة حتا توفر موئلاً جيداً للعديد من الحيوانات ومنها الوشق، والثعلب الأحمر، والقط البري..

بالإضافة إلى الطيور والزواحف، وتواجد بها في وقت مضى غزال الدمي، وتوطن في الجبال الوعرة الجنوبية من حتا حيوان الطهر العربي، كما تم رصد النمر العربي في قرية عمانية قريبة من حتا.

وتحتوي مناطق حتّا على نماذج رائعة من التشكيلات الجيولوجية والعمليات الفيزيوغرافية عوضاً عن شبكة الوديان التي تعمل كمستجمع لمياه الأمطار وتسند أكثر من 200 نوع من النباتات والحيوانات البريّة كما تعمل على حماية التربة، وتزدهر على امتداد الوديان سلسلة من الواحات والحدائق الزراعية وتعد مرعى للحيوانات الأليفة.

جبل نزوى

وتقع هذه المحمية على طريق دبي – حتّا بمحاذاة محمية دبي الصحراوية، وتتشابه مع محمية حتا الجبلية في التصنيف والطبيعة ونوعية الحياة الفطرية فيها، مع الاختلافات البسيطة في بعض الأنواع..

فهي تعتبر من فئة المعالم الطبيعية بالرغم من صغر مساحتها البالغة 106 كيلومترات مربعة، إلا أنها تضم العديد من أنواع النباتات والحيوانات التي اعتبرت هذه المحمية مكانها الآمن للعيش والاستقرار فيها، وتعتبر من المواقع المهمة لتوالد طائر البوم وأنواع أخرى من الطيور.

غاف نزوى

وقالت الهرمودي: «تحاذي هذه المحمية منطقة مرغم وتعتبر من أصغر المحميات في الإمارة وتصنف وﻓقاً ﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ الاﺗﺤﺎد اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﺼﻮن اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ضمن فئة المتنزهات الوطنية المحمية، والهدف من إعلانها كمحمية هو الحفاظ على النظام البيئي والتنوع البيولوجي فيها، وتتميز بوجود أعداد من أشجار الغاف والتي تظهر على شكل غابات من الأشجار التي تكسو المنطقة وتوفر بيئة ظليلة وجاذبة لمختلف أنواع الطيور والحيوانات».

http://www.albayan.ae/across-the-uae/news-and-reports/2014-09-28-1.2210664